للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنجاشي ما كان يمكنه أن يحكم بحكم القرآن؛ فإنَّ قومه لا يقرُّونه على ذلك، وكثيرًا ما يتولَّى الرجل بين المسلمين والتتار قاضيًا؛ بل وإمامًا، وفي نفسه أمورٌ من العدل يريد أن يعمل بها، فلا يمكنه ذلك، بل هناك من يمنعه ذلك، ولا يكلِّف الله نفسًا إلَّا وسعها.

وعمر بن عبد العزيز عُودي وأُوذي على بعض ما أقامه من العدل، وقيل: إنه سُمَّ على ذلك» (١).

الشبهة الرابعة:

قرر شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا سمع ولا طاعة للحاكم الفاسق إلَّا في الواجب والمستحب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «والإمامُ العدل تجبُ طاعته فيما لم يُعلَم أنه معصية، وغيرُ العدل تجبُ طاعته فيما عُلِمَ أنه طاعة كالجهاد» (٢).

وجواب هذه الشبهة من أوجه:

الوجه الأول: أن ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية هذا يخالف النصوصَ المتقدمة في السمع والطاعة للحاكم مطلقًا في غير معصية الله ولو كان فاسقًا وظالمًا، بل وهذا مقتضى العموم في قوله تعالى: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}، فإن (أولي) نكرة أضيفت إلى معرفة، فأفادت العموم في كل حاكم بما أنه مسلم، سواءٌ كان فاسقًا أو عدلًا؛ وقد تقدَّم.


(١) منهاج السنة النبوية (٥/ ١١٢).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٩/ ١٩٦).

<<  <   >  >>