للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مراسيل الشاميين إلَّا اثنين، وأحدهما فيه ضعف، أما الآخر من أوساط التابعين لا من كبارهم.

وهذه المراسيل لا يقوِّي بعضُها بعضًا؛ لأن أكثرها من مرسل الشاميين؛ فمخرجُها واحد، فيحتمل أخذ كلِّهم عن رجل واحدٍ ضعيف، ثم هذا المرسل مخالفٌ لما هو أقوى منه، وهي الأحاديث المتقدِّمة مع الإجماع، والإجماعُ قطعيُّ الدلالة؛ لذلك من ضوابط المرسل حتى يقوِّي بعضُه بعضًا أن لا يخالفَ ما هو أقوى. وهذا يقال في الأحاديث المتصلة فكيف في المرسل فهو من باب أولى، ولما شرح ابنُ رجب كلامَ الشافعي في تقوية المرسل ذكرَ هذا، ومن ذلك أنه قال: «وظاهرُ كلام أحمد أنَّ المرسل عنده من نوع الضعيف، لكنه يأخذ بالحديث إذا كان فيه ضعف، ما لم يجاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو عن أصحابه خلافُه».

قال الأثرم: «كان أبو عبد الله ربما كان الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي إسناده شيء، فيأخذ به إذا لم يجاء خلافُه أثبتَ منه، مثل حديث عمرو بن شعيب، وإبراهيم الهجري، وربما أخذ بالحديث المرسل إذا لم يجاء خلافه» (١).

الاعتراض الثاني: ذكر أن عائشة قالت: «لو كان زيدٌ حيًّا لاستخلفهُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-».

والأثر أخرجه ابن أبي شيبة في موضعين (٢)، وكلاهما من طريق البهي عن عائشة، وقد تنازعَ العلماء في ثقة البهي وسماعه من عائشة، وأنكرَ سماعه من عائشة عبدُ الرحمن بن مهدي وأحمدُ بن حنبل، وأثبته البخاري (٣).


(١) شرح علل الترمذي (١/ ٥٥٣).
(٢) (٦/ ٣٩٢)، (٧/ ٤١٥).
(٣) انظر: تهذيب التهذيب (٦/ ٩٠)، والتاريخ الكبير (٥/ ٥٦).

<<  <   >  >>