للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشبهة السابعة والأربعون:

أن القول بحُرمة الخروج كان فيه خلاف بين الصحابة ومن بعدهم ثم انعقد الإجماع، وأصحُّ القولين (١) أصوليًّا أنَّ الإجماع بعد الخلاف لا ينعقد، فعلى هذا لا ينعقد هذا الإجماع.

وكشف هذه الشبهة من وجهين:

الوجه الأول: حُكي خلافٌ بين أهل العلم في صحة الإجماع بعد الخلاف، وإن كان المعروف من كلام العلماء المتقدمين أنهم يجعلونه إجماعًا (٢)، لكن لا يصحُّ أن يُتذرَّع بهذا على أن من لم يقرَّ بالإجماع على صحة الخروج فهو معذور؛ لأنه فرع عن هذه المسألة الأصولية، وذلك أنَّ إجماعَ أهل السنة الذي لم ينازع فيه أحد منهم، بل وتوارُدُهم على تبديع المخالف بإجماعهم مستثنى من ذكر الخلاف في هذه المسألة، بل قد يقال: إن إجماع أهل السنة في هذه المسألة يدل على صحة القول بأن الإجماع ينعقد بعد خلاف.

الوجه الثاني: أنه لا يسلَّم بوجود خلافٍ بين الصحابة في حكم الخروج على الحاكم الفاسق - كما تقدم (٣) بالتفصيل - فيكون الإجماعُ منعقدًا قبل حصول الخلاف، وهو إجماع الصحابة.


(١) لم أر القول بعدم انعقاد الإجماع منقولًا نقلًا صحيحًا عن أحدٍ من العلماء الأولين وإنَّما اشتهر به المتكلمون والمتأخرون، تقدم (ص: ١٢٨).
(٢) وأخطأ أبو يعلى لما نسب هذا القول لأحمد في رواية؛ وأول من لم يوافقه تلميذه أبو الخطاب.
(٣) كما تقدم (ص: ١٥١ وما بعدها).

<<  <   >  >>