للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الثالث: ثبت عن جمعٍ من السلف أنهم أنكروا أمامَ السلطان، وقد دلَّت الأدلة على ذلك، ومن ذلك حديث: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» (١).

ومن ذلك ما ثبت في (مسلم): لمَّا قدَّم الأمير مروان بن الحكم خطبة العيد على الصلاة وأنكر رجل عليه فقال أبو سعيد -رضي الله عنه-: «أما هذا فقد قضى الذي عليه»، ثم قال: «سمعتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «مَنْ رأى منكم منكرًا … الحديث» (٢).

ومن ذلك ما ثبت في مسلم أن بشر بن مروان كان يخطب فلما دعا رفعَ يديه فقال عمارة بن رؤيبة: «قبَّحَ الله هاتين اليدين، ما رأيتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يزيدُ في الخطبة إذا دعا على أن يُشيرَ بالسبابة» (٣).

والجواب على هذا أن يقال:

إنَّ هذه الأدلة خارج موردِ النزاع، فإنَّ موردَ النزاع في الإنكار والنُّصحِ وراءه لا أمامه - كما تقدم -.

تنبيه:

إنَّ هناك فرقًا بين الإنكار على ولي الأمر، لأنه فعل منكرًا، والإنكارِ على الفعل المنكَر بدون ذِكْرِ وليِّ الأمر، فمثلًا: إذا أتى ولي الأمر بالربا، فيُنكَرُ الرِّبا علانية، ولا يُنكَر على وليِّ الأمر نفسِه علانية. أفاد هذا الإمام العلامة عبد العزيز ابن باز -رحمه الله- حيث قال: «ولكن الطريقة المتَّبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم


(١) أخرجه الترمذي (٢١٧٤)، وابن ماجه (٤٠١١)، وأحمد (٣/ ٧) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه مسلم (٤٩).
(٣) أخرجه مسلم (٨٧٤).

<<  <   >  >>