للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شبهات في الخروج وما يتعلق به

الشبهة الثلاثون:

أن في مسألة الخروج على الحاكم الفاسق خلافًا سائغًا، فلا يصح لأحدٍ أن يشنِّع على مَنْ خالف فيها؛ لأنها مسألة اجتهادية كبقية المسائل الاجتهادية، وهذا القول هو قول الحسين -رضي الله عنه- فقد خرج على يزيد، وخرج عبد الله بن الزبير على يزيد وابنه معاوية بن يزيد بن معاوية، وخرج جمعٌ من القراء - الفقهاء - على الحجاج.

والجوابُ على هذه الشبهة بطريقين؛ مجمَل ومفصَّل:

أما الجواب المجمل:

إنه قد كان للسلف قولان في الخروج على الحاكم الفاسق، ثم بعد فتنة ابن الأشعث انعقد إجماعُ السلف على عدم الخروج على السلطان؛ لذلك تواردَ أئمة السُّنة على ذكر هذه المسألة في كتب الاعتقاد، وجعلوا مَنْ خالف فيها مبتدعًا

- وقد تقدَّم نقلُ كلامهم - (١)، وقد نصَّ جمعٌ من العلماء على أنَّ الإجماع انعقد بعد خلاف (٢)؛ ودونكَ كلامهم:

الأول: شيخ الإسلام ابن تيمية:

قال -رحمه الله-: «كان أفاضل المسلمين ينهَون عن الخروج والقتال في الفتنة، كما كان عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهَون عام الحرَّة عن الخروج على يزيد، وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون


(١) تقدم (ص: ٣٩).
(٢) الإجماع بعد خلاف حجَّة وإجماع، فإن الأدلة بينت أنَّ الإجماع حجة، ولم تشترط ألا يُسبَق بخلاف، والقول بأنه ليس حجة لم أره منسوبًا لأحد من العلماء الأولين إلَّا رواية عن الإمام أحمد نسَبها إليه أبو يعلى في كتابه العدة في أصول الفقه (٤/ ١١٠٥)، وجعلها ظاهرَ قوله مستنبطًا ذلك من كلامٍ لأحمد، ولم ينسبه لغيره من الأئمة.
وما اعتمد عليه لا يسلَّم به؛ وقد خالفه أبو الخطاب في التمهيد (٣/ ٢٩٧)، وابن قدامة في الروضة (١/ ٤٢٨) لم يتابعاه على ذلك ولم ينسباه لأحمد.
والذي يظهر - والله أعلم - أنَّ القول بأنه ليس حجة قولٌ محدث على خلافِ ما عليه السلف الأولون.

<<  <   >  >>