للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن المنذر: «والذي عليه أهلُ العلم أنَّ للرجل أن يدفَع عمَّا ذكر إذا أُريد ظلمًا بغير تفصيل إلَّا أنَّ كلَّ مَنْ يُحفظ عنه من علماء الحديث كالمجمعين على استثناءِ السُّلطان؛ للآثارِ الواردةِ بالأمر بالصَّبر على جَوره وتركِ القيام عليه» (١)، نقله ابن حجر وأقرَّه (٢).

الشبهة الرابعة والستون:

حاول بعضُ الحركيين المعاصرين أن يحمل حديث: «تسمَعُ وتطيعُ للأمير وإنْ جلَد ظهركَ وأخذَ مالكَ، فاسمَعْ وأَطِعْ» (٣) على الفرد بخلاف الجماعة، فإنَّ لهم أن لا يصبروا على ظُلمه.

وكشف هذه الشبهة من أوجه:

الوجه الأول: عموم الأدلة الأخرى في الصبر على جَور الحاكم، ولم تفرِّق بين فردٍ ولا جماعة، فمَن فرَّق فيلزمهُ الدليل، ولا دليل.


(١) قال ابن المنذر في كتابه الإشراف على مذاهب العلماء (٧/ ٢٤٨):
"وبهذا يقول عوام أهل العلم إن للرجل أن يقاتل عن نفسه وماله وأهله، إذا أريد ظلمًا، للأخبار التي جاءت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لم تخص وقتًا دون وقت، ولا حالًا دون حال؟ إلا السلطان، فإن جماعة أهل الحديث كالمجمعين على أن من لم يمكنه أن يمنع نفسه وماله إلا بالخروج على السلطان ومحاربته: أنه لا يحاربه، ولا يخرج عليه، للأخبار الدالة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي فيها الأمر بالصبر على ما يكون منهم من الجور والظلم، وترك قتالهم، والخروج عليهم ما أقاموا الصلاة".
(٢) فتح الباري (٥/ ١٢٤).
(٣) سبق تخريجه (ص: ٣٨).

<<  <   >  >>