للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعلمونه، لذلك كلِّه تكون طاعة الحكام تبعًا لطاعة العلماء؛ وفي هذا يقول ابن القيم -رحمه الله-: «والتحقيقُ أنَّ الأمراء إنَّما يُطاعون إذا أَمروا بمقتضى العلم، فطاعتهُم تبعٌ لطاعة العلماء، فإنَّ الطاعة إنما تكونُ في المعروف وما أوجبه العلم» (١).

في كلامه هذا أنه ليس المراد بالمعروف في حديث «إنَّما الطاعة في المعروف» ما لم يكن معصية، بل ما كان معروفًا بالشرع والحس والعقل، وتقدَّم (٢) بالأدلة وإجماعات أهل العلم أنَّ المراد بالمعروف ما لم يكن معصية. وكلامُ ابن القيم الذي نقله حقٌّ؛ لأنه بيانُ أن طاعة الأمراء تبعٌ لطاعة العلماء حتى لا يأمر الأمراء بمعصية؛ فقوله: إنَّ طاعة الأمراء تبعٌ للعلماء = أي لا يصحُّ للأمير ينفردَ عن العلماء، بل لابد أن يكون أمرهُ بمقتضى العلم لئلَّا يأمر بمعصية.

وليس معنى هذا أن الأمير لا يأمر بشيء مما يراه مصلحة حتى يأذن العلماء، وإنما المراد أنه إذا أمر لا يأمر بمعصية؛ ومعرفةُ ذلك بالعلم الشرعي؛ إمَّا بالأدلة الشرعية أو بالرجوع إلى أهل العلم.

الاستدراك السادس:

قال: «فهذا الحديث قيَّد الطاعة للإمام الذي يقود بكتاب الله، وبناءً على ذلك، فلا تجوزُ طاعةُ حاكمٍ يحكم بغير ما أنزل الله في حكمه هذا، سواءٌ كان هذا الحكمُ مخرجًا له من الملَّة أولا - كما سبق بيانه - لأنه في كلتا الحالتين عاصٍ لا يأمرُ بالمعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (٣).


(١) ص: ٣٨٥.
(٢) تقدم (ص: ٧٥).
(٣) ص: ٣٨٨.

<<  <   >  >>