للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: «وهذا السبب أيضًا كالذي قبله تستوي فيه الصور من الحكم بغير ما أنزل الله المخرجة لفاعلها من الإسلام، وكذلك الصور التي لا تخرجه من الملة، وقد سبقَ بحثُ هذه الصور وتفنيدها».

ثم قال: «فهذه الأحاديث واضحة الدلالة على أنه يُشترط للسمع والطاعة أن يقود الإمام رعيَّته بكتاب الله، أمَّا إذا لم يحكِّم فيهم شرعَ الله فهذا لا سمعَ له ولا طاعة، وهذا يقتضي عزلَهُ، وهذا في صور الحكم بغير ما أنزل الله المفسِّقة، أما المكفِّرة فهي توجِبُ عزلَهُ ولو بالمقاتلة كما سبق بيانه في السبب الأول؛ والله أعلم» (١).

تقدم بيان معنى الحديث (٢) الذي ذكر طاعة الحاكم مقيَّدة بالحكم بما أنزل الله؛ كقول أم الحصين أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنْ أُمِّر عليكم عبدٌ مجدَّع يقودُكم بكتاب الله، فاسمَعوا له وأطيعوا» (٣)، وأنه لا دلالة فيه على ما أراد.

ثم مقتضى كلامه الأول: أنَّ كلَّ عاصٍ لا يُسمع ولا يُطاع له؛ لأنه لا يأمرُ بالمعروف، وهذا يحتمل أحد أمرين:

الاحتمال الأول: أنَّ كل عاصٍ لا يُسمع ولا يُطاع له؛ وهذا عَينُ قول الخوارج.

الاحتمال الثاني: أنَّ كلَّ عاصٍ لا يأمر إلَّا بمعصية، وهذا يُخالفه الشرع والعقل والواقع.


(١) ص: ٤٧٢.
(٢) تقدم (ص: ٨٢).
(٣) أخرجه مسلم (١٢٩٨).

<<  <   >  >>