للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطاعةُ بالمعروف»، وقال: «لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق» ليؤكد بذلك أن حقَّ السلطة بالطاعة إنما هو منوطٌ بما كان معروفًا أنه طاعة لله» (١).

تقدَّم بيانُ بطلان حصرِ المعروف فيما كان معروفًا شرعًا، أي في الواجبات والمستحبات وأنه عامٌّ حتى في المباحات بدلالة الأدلة الشرعية وإجماع أهل السنة (٢).

الاستدراك التاسع عشر:

قال الدكتور حاكم العبيسان: «ولهذا تجلَّت الحرية في أوضَح صورها في هذه المرحلة، فقد كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة مَنْ كان يُضمر العداوة له -صلى الله عليه وسلم- ويكيده؛ كالمنافقين في المدينة، وكان يعرفهم ولم يعترَّض لهم، وقد نزل قولُ الله تعالى في شأن زعيمهم عبدالله بن أبي ابن سلول {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: ٨]، وهذا عزمٌ على إسقاط الدولة الإسلامية وإخراجِ النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة، ومع ذلك لم يتعرَّض له النبي -صلى الله عليه وسلم- بشيء، بل قال بعد أن بلغه هذا الخبر عن ابن أبي بن سلول وأرادَ بعضُ الصحابه قتله: «لا بلْ نُحْسِنُ صُحبته»، وقال: «لا يتحدَّث الناسُ أنَّ محمدًا يقتلُ أصحابه» (٣).

وقد بلغ الأمر بابن سلول أن انسحبَ بثلث الجيش يوم أحد، وتركَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وهو في طريقه إلى القتال؟! وقد قال رجل للنبي -صلى الله عليه وسلم- معترضًا في قسمة: اعِدِلْ يا محمد فإنك لم تعدِلْ، وإنَّ هذه القسمة ما أُريدَ بها وجهُ الله. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:

«ويحكَ مَنْ يعدِلُ إنْ لم أَعدل»، فأراد الصحابة ضَرْبَهُ فقال -صلى الله عليه وسلم-: «معاذَ الله أن


(١) (ص: ٤٥).
(٢) تقدم (ص: ٧٥).
(٣) سبق تخريجه (ص: ١٩٥).

<<  <   >  >>