للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتحدَّثَ الناسُ أني أقتلُ أصحابي» (١).

وقال له رجلٌ يهودي - وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- في مجلس مع أصحابه -: يا بني عبدِ المطلب إنكُم قومٌ مُطْل. أي: لا تؤدون الحقوق. وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد استلف منه مالًا، فأراد عمر -رضي الله عنه- أن يضربَ اليهودي، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّا كنَّا أحوجَ إلى غيرِ هذا منكَ يا عمر، أن تأمرَهُ بحُسْنِ الطَّلب، وتأمرني بحُسْن الأداء» (٢)، وقد اعترضَ عمرُ على النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلح الحديبية، وقال له: عَلامَ نُعطي الدَّنية في ديننا؟ (٣).

وكذلك كان الحال في عهد الخلفاء الراشدين، فقد كان المسلمون يعترضون على سياساتهم، وينتقدون ممارساتهم، ولم يتعرض أحدٌ للأذى بسبب هذه المعارضة، مما يدلُّ على رسوخ مبدأ الحرية السياسية. وقد خطب أبو بكر بعد أن أصبح خليفة فقال: «إنْ أحسنتُ فأعينوني، وإن سألتُ فقوموني» (٤)، ليؤكد مبدأ الحرية السياسية، وحقَّ الأمة في نقد سياسة الإمام وتقويمه» (٥).

إنَّ هذه الأسطر من حاكم العبيسان تدلُّ على أنه يخبط خبطَ عشواء في استدلالاته، وأنه لا يعرف العلاقة بين الدليل ومدلوله فيستدل على دعاويه بما لا دلالة فيها لا من قريب ولا من بعيد.


(١) سبق تخريجه (ص: ١٨٦).
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير (٥/ ٢٢٢)، وضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (١٣٤١).
(٣) أخرجه البخاري (٢٧٣١)، ومسلم (١٧٨٥) من حديث سهل بن حنيف -رضي الله عنه-.
(٤) الزهد لأبي داود (ص: ٥٦).
(٥) (ص: ٤٧).

<<  <   >  >>