أن المرجع في اختيار الحاكم إلى الأمة لا إلى أهل الحلِّ والعقد، فلا يصحُّ تقييد الأمر بأهل الحلِّ والعقد دون الأمة.
وكشف هذه الشبهة من أوجه:
الوجه الأول: أن العلماء من المذاهب الأربعة متواردون على هذا، ولم أرَ أحدًا من العلماء ذكر عدمَ تعليق الاختيار بأهل الحلِّ والعقد؛ بل في عبارة بعضهم حكاية الإجماع، ومن المتقرِّر شرعًا أنه لا يجوز لأحدٍ أن يقول قولًا في الشريعة وليس له سلف وإلَّا صار قولُه محدثًا.
وقد سبق نقلُ كلام العلماء في تعليق الأمر بأهل الحلِّ والعقد (١).
الوجه الثاني: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جعل الأمر في ستةٍ، والشورى فيهم دون عموم الناس وهؤلاء نوعٌ من أهل الحلِّ والعقد، قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: «باجتماع أهل الحلِّ والعقد عليه، يعني وجهاء البلاد، وشرفاء البلاد، وأعيان البلاد، يجتمعون على هذا الرجل المعين، وينصبونه إمامًا، ومن ذلك الصورة المصغَّرة التي اختارها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ فإنَّ عمر لم يعهد إلى شخص معين، ولم يجعل الأمر عامًّا بين المسلمين، ولكنه جعل الأمر بين ستة أشخاص، تخيَّرهم -رضي الله عنه-، وعلَّل تخيُّره إيَّاهم بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- توفي وهو عنهم راضٍ، فجعل الأمر بينهم، وهذا نوع من اختيار أهل الحلِّ والعقد، ونوعٌ من العهد بالخلافة إلى معيَّن؛ لأن الخليفة لا يخرج عن هذه الدائرة الضيقة، وهم ستة فقط،