للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل إذا أخطأ أحدٌ من الرعية له أن يؤدِّبهم، بخلاف إذا أخطأ الحاكم وظَلَم، فالرعية مأمورةٌ بالصبر عليه، لما تقدم من الأدلة وإجماع أهل السُّنة (١)، وللحِكَم العظيمة، وهي درءُ المفسدة الكبرى بالصغرى.

الأمر الثاني: توعَّدت الشريعة مَنْ تعامل مع الحاكم معاملة مقايضة بوعيدٍ شديد؛ قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ثلاثة لا يكلِّمهم الله ولا ينظرُ إليهم ولهم عذابٌ أليم»، ثم قال: «رجلٌ بايعَ رجلًا لا يبايعهُ إلَّا لدنيا فإن أعطاه ما يريد وفى له وإلَّا لم يفِ له» (٢).

قال القرطبي: «يعني: أنَّ الله تعالى كلَّف الولاة العدلَ وحسنَ الرعاية، وكلّف المولَّى عليهم الطاعة وحسن النصيحة. فأراد: أنه إن عصى الأمراءُ الله فيكم، ولم يقوموا بحقوقكم: فلا تعصوا الله أنتم فيهم، وقوموا بحقوقهم، فإن الله مُجازٍ كلَّ واحدٍ من الفريقين بما عمل» (٣).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وطاعة ولاة الأمور واجبة؛ لأمر الله بطاعتهم، فمن أطاعَ الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله فأجرهُ على الله، ومَن كان لا يطيعُهم إلَّا لما يأخذه من الولاية والمال؛ فإن أعطَوه أطاعَهُم؛ وإن منعوهُ عَصاهم: فما له في الآخرة من خَلاق» (٤).


(١) تقدم (ص: ٣٧).
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٧٢)، ومسلم (١٠٨).
(٣) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٤/ ٥٥).
(٤) مجموع الفتاوى (٣٥/ ١٦).

<<  <   >  >>