للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابع: أنه سبحانه قال في الآية نفسها: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، وهذا صريحٌ في إبطال التقليد، والمنع من ردِّ المتنازع فيه إلى رأيٍ أو مذهب أو تقليد.

فإن قيل: فما هي طاعتهم المختصَّة بهم؛ إذ لو كانوا إنما يطاعون فيما يخبرون به عن الله ورسوله كانت الطاعة لله ورسوله لا لهم؟.

قيل: وهذا هو الحقُّ، وطاعتهم إنما هي تبعٌ لا استقلال، ولهذا قرَنها بطاعة الرسول ولم يُعِد العامل، وأفردَ طاعة الرسول وأعاد العامل لئلَّا يُتوهَّم أنه إنما يُطاع تبعًا كما يُطاع أولو الأمر تبعًا، وليس كذلك، بل طاعته واجبةٌ استقلالًا، سواء كان ما أمر به، ونهى عنه في القرآن أو لم يكن» (١).

ثم لو قُدِّر جدلًا أنه أراد تقليد الحاكم فيقال: إنَّ كلامه في تقليدهم في معرفة مُراد الله وأحكامه، وتقدَّم أنه لا يصحُّ أن يترك النصُّ والدليل لقول الحاكم، بل هو مثل غيره في هذا الأمر (٢).

الاستدراك الثاني عشر:

قال الدكتور آل عبد اللطيف: «وبيَّن شيخ الإسلام في موطن آخر أنَّ أهلَ السُّنة لا يوجِبونَ طاعة الإمام في كلِّ ما يأمر به، بل لا يوجبون طاعته إلَّا فيما تسوغُ طاعته في الشرعية، فلا يجوّزون طاعته في معصية الله، وإن كان إمامًا عادلًا.

وقال أيضًا: والإمامُ العدل تجب طاعته فيما لم يُعلم أنه معصية، وغيرُ العدل تجب طاعته فيما عُلم أنه طاعة كالجهاد».


(١) إعلام الموقعين (٢/ ١٦٩).
(٢) تقدم (ص: ٢٨١).

<<  <   >  >>