وهذا هو الحقُّ، وطاعتُهم إنَّما هي تبعٌ لا استقلال، ولهذا قرَنَها بطاعة الرسول، ولم يُعد العامل، وأفردَ طاعة الرسول، وأعادَ العامل، لئلَّا يتوهم أنه إنما يُطاع تبعًا، كما يُطاع أولو الأمر تبعًا، وليس كذلك، بل طاعته واجبة استقلالًا».
إنَّ إيراد الدكتور له في معرض الكلام على الإمام - ولي الأمر العام، وظنَّهُ أنَّ ابن القيم يريد هذا = خطأ فاحش، وذلك أنَّ كلام ابن القيم في ذمِّ التقليد للعلماء، وعند ابن القيم أن العلماء داخلون في قوله تعالى:{وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}، فهو يقول: لا يجوز تقليد العلماء في معرفة شرع الله ومراد الله في مقابل تركِ النصِّ والدليل، فكلامُه على تقليدهم في معرفة حكمٍ شرعي، وهذا يتَّضحُ بنقل كلامه السابق.
قال الإمام ابن القيم: «أن هذه الآية من أكبر الحجج عليهم، وأعظمها إبطالًا للتقليد، وذلك من وجوه؛ أحدها: الأمر بطاعة الله التي هي امتثالُ أمره واجتنابُ نهيه.
الثاني: طاعة رسوله، ولا يكون العبد مطيعًا لله ورسوله حتى يكون عالمًا بأمر الله ورسوله، ومَن أقرَّ على نفسه بأنه ليس من أهل العلم بأوامر الله ورسوله وإنما هو مقلِّد فيها لأهل العلم لم يمكنه تحقيقُ طاعة الله ورسوله ألبتة.
الثالث: أن أولي الأمر قد نهوا عن تقليدهم كما صحَّ ذلك عن معاذ بن جبل وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وغيرهم من الصحابة، وذكرناه نصًّا عن الأئمة الأربعة وغيرهم، وحينئذ فطاعتهُم في ذلك إن كانت واجبةً بطل التقليد، وإن لم تكن واجبة بطل الاستدلال.