للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أفضل ممن تركه، ودلَّ ذلك على أنَّ القتال قتالُ فتنة.

كما ثبت في الصحيح عن النبي -رضي الله عنه- أنه قال: «ستكونُ فتنةٌ القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائمُ فيها خيرٌ من الماشي، والماشي خيرٌ من الساعي، والساعي خيرٌ من الموضع» (١)، وأمثالُ ذلك من الأحاديث الصحيحة التي تبين أنَّ تركَ القتال كان خيرًا من فعلهِ من الجانبين، وعلى هذا جمهورُ أئمة أهلِ الحديث والسُّنة؛ وهذا مذهبُ مالك، والثوري وأحمد وغيرهم» (٢).

الاستدراك الرابع والثلاثون:

قال الدكتور حاكم العبيسان: «وكل ذلك يؤكد رسوخ مبدأ المشروعية، وهو أن تكون أوامر السلطة في الدولة الإسلامية لا تتعارضُ مع القانون الأعلى والدستور الأسمى، وهو الكتابُ والسُّنة الذي يخضعُ لحكمهما الأمة والإمام على حدٍّ سواء، ويحتكمان إليها عند الاختلاف والنزاع.

فطاعةُ السلطة واجبةٌ إذا أمرت بالحقِّ والعدل أو الخير والمصلحة، وتفقدُ حقَّ الطاعة إذا أمرتْ بالظُّلم أو الباطل أو الشرِّ أو المفسدة.

ولهذا قال أبو بكر في أول خطبة له: وإن أسأتُ فقوِّموني. وقال عمر: لن يعجز الناسُ أن يولُّوا رجلًا منهم؛ فإن استقام اتَّبعوه، وإن جنفَ - أي مال - قتلوه، فقال طلحة: وما عليكَ لو قلتَ: إن تعرج عزلوه؟ فقال عمر: لا القتل أنكَلُ لمن بعده.


(١) سبق تخريجه (ص: ٣٤١).
(٢) منهاج السنة النبوية (١/ ٥٤١).

<<  <   >  >>