يردِّد بعضهم أنَّ الخروج مُنع لما يترتب عليه من المفاسد، فعلى هذا إذا تيقَّنا أو غلبَ على ظنِّنا أنَّ مصلحته راجحة، فإنه يجوز.
وكشف هذه الشبهة من وجهين:
الوجه الأول: أنَّ النصوص متواترة ومتكاثرة في السمع والطاعة للحاكم المسلم الفاسق، والصبر على جَوره، فلا يجوز أن تُترك هذه النصوص وتُخالفَ لأمثال هذه المصالح المظنونة.
الوجه الثاني: أنَّ العبرة في الشريعة بالنظر إلى الغالب وأما النادر فلا حكم له، والغالبُ أنه يترتب على الخروج فساد أكبر من صلاحه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:«ولعله لا يكاد يُعرف طائفة خرجت على ذي سلطان، إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته»(١).
وقال: «وكلُّ من خرج على إمامٍ ذي سلطان إلَّا كان ما تولَّد على فعلهِ من الشرِّ أعظمَ مما تولَّد من الخير؛ كالذين خرجوا على يزيد بالمدينة، وكابن الأشعث الذي خرج على عبد الملك بالعراق، وكابن المهلب الذي خرج على ابنه بخراسان، وكأبي مسلم صاحب الدعوة الذي خرج عليهم بخراسان أيضًا، وكالذين خرجوا على المنصور بالمدينة والبصرة وأمثال هؤلاء.
وغاية هؤلاء إمَّا أن يَغلبوا وإمَّا أن يُغلبوا ثم يزول ملكهم فلا يكون لهم عاقبة.