للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التأصيل السادس

قرَّر أهل السنة أنه لا يُعزل الإمام والسلطان ولو كان فاسقًا وظالمًا ومبتدعًا بما أنه مسلم، ويدل لذلك ما تقدم ذكره من الأدلة مع إجماع السلف الدالِّ على وجوب السمع والطاعة، والصبر على جَورِ وظلمِ الحاكم المسلم، وقد أكد هذا المعنى النووي فقال: «وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق، وأما الوجه المذكور في كتب الفقه لبعض أصحابنا أنه ينعزل، وحُكي عن المعتزلة أيضًا = فغلطٌ من قائلهِ مخالفٌ للإجماع، قال العلماء: وسبب عدم انعزاله، وتحريم الخروج عليه ما يترتبُ على ذلك من الفتن، وإراقة الدماء، وفساد ذات البين، فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه» (١)، ثم نقل عن أبي بكر بن مجاهد حكاية الإجماع.

قال ابن الهمام: «واتفقوا في الإمرة والسلطنة على عدم الانعزال بالفسق لأنها مبنية على القهر والغلبة» (٢).

وقال العيني: «وفيه دليل - عند قوله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ كَرِهَ من أميرهِ شيئًا فليصبر» - على أنَّ السلطان لا ينعزل بالفسق والظلم ولا تجوز منازعته في السلطنة بذلك» (٣).

وستجد في كتب بعض المتأخرين ما يخالف هذا، حيث قرروا جوازَ خلع الحاكم لفسقٍ أو بدعة، وهؤلاء مخطئون مخالفون لإجماع السلف، وخطؤهم في


(١) شرح النووي على صحيح مسلم (١٢/ ٢٢٩).
(٢) فتح القدير (٧/ ٢٥٤).
(٣) عمدة القاري (٢٤/ ١٧٨).

<<  <   >  >>