للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعنى الحديث: لا تُنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم ولا تعترضوا عليهم إلَّا أن تروا منهم منكرًا محقَّقًا تعلَمونهُ من قواعد الإسلام، فإذا رأيتم ذلك فأنكِروهُ عليهم وقولوا بالحقِّ حيث ما كنتم، وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرامٌ بإجماع المسلمين وإن كانوا فسَقةً ظالمين، وقد تظاهرت الأحاديثُ بمعنى ما ذكرته، وأجمعَ أهلُ السنة أنه لا ينعزلُ السلطانُ بالفسق» (١).

وحاكم العبيسان يقرِّر أنَّ الحديث في الخروج على الحاكم، ثم يقرِّر الكفرَ البواح بالمعصية، وهذا ما لا يصحُّ لما يلي:

الأمر الأول: أنَّ الأصل في لفظ الكفر أن يُحمل على الكفر إلَّا بدليل، وليس هناك دليل يمنعُ حملَهُ على الكفر بل الأدلة تدلُّ على وجوب حملهِ على الكفر كما تقدَّم بيانها (٢).

الأمر الثاني: أن حمله على الكفر يتفقُ مع إجماع أهل السنة، وما كان كذلك فيجب حملُه عليه؛ لأنَّ إجماعَ أهل السنة حقٌّ وما يخالفهُ فهو باطل.

الاستدراك السادس والثلاثون:

قال الدكتور حاكم العبيسان: «قال الداودي: الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه إنْ قُدِرَ على خلعهِ بغير فتنة ولا ظُلم وجبَ وإلَّا وجبَ الصَّبر» (٣).

وهذا الذي نقلَهُ عن الداودي بواسطة (فتح الباري) خطأ من الداودي، ولو أكملَ النقلَ لظهَر أنَّ ابن حجر لم يوافقه فقال: «والصحيحُ المنع إلَّا أن يكفر


(١) شرح النووي على صحيح مسلم (١٢/ ٢٢٩).
(٢) تقدم (ص: ٢١٤).
(٣) (ص: ٦٩).

<<  <   >  >>