للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعني لو أن هؤلاء الستة اختاروا رجلًا من غير الستة فإنه لا يصحُّ اختيارهم؛ لأنه خلافُ ما عهِدَ به الخليفة السابق» (١).

الوجه الثالث: لم يكن الخلفاء الراشدون ولا غيرهم يستشيرون الأمة كلَّها، ومن ادعى هذا فعليه بالدليل، فلما عهد أبو بكر لعمر لم يستشر الأمة كلها، ولما جعل عمر -رضي الله عنه- الأمر في ستةٍ لم يستشر الأمة كلَّها، ولما أراد عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- أن يجعل واحدًا من الستة لم يستشر الأمة كلها، ولما تولَّى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لم يستشر الأمة كلها، بل القراء - أي العلماء - أصحابُ مشورة عمر دون الأمة كلِّها.

عن ابن عباس: «وكان القرَّاء أصحابَ مجلس عمر ومشاورته، كهولًا كانوا أو شُبَّانا» (٢).

الوجه الرابع: أن عدم اعتبار أهل الحلِّ والعقد سيُرجع الأمر إلى اعتبار الكثرة، وتقدَّم (٣) أن الكثرة ليست معتبرة شرعًا ولا عقلًا؛ أما شرعًا فليس هناك دليل بل ذمَّت الشريعة الكثرة: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}، وقال: {فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: ٢٦].

وأمَّا عقلًا فلا يصح أن يساوى الفاجر بالمتقي ولا الذي تلقَّى الدرجات العُلى في العلم بمن ليس متعلمًا.


(١) الشرح الممتع (١٤/ ٣٩٦).
(٢) أخرجه البخاري (٤٦٤٢).
(٣) تقدم ص: ١٣٦.

<<  <   >  >>