فهو يتكلَّم عن حرية شيطانية، ويزعمُ أن الشريعة جاءت بها، وأنَّى لشريعة الرحمن أن تأتي بما يوسوس به الشيطان.
ففي كلامه هذا أمور عدة:
الأمر الأول: أنه بمقتضى الحرية الحقة - في زعم الدكتور - إذا عرف السلطان من يريد الانقلاب على الحكم والمكيدة له، ولو كانوا جماعة فإنه يتركهم. قال الدكتور حاكم:«فقد كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة مَنْ كان يضمر العداوة له -صلى الله عليه وسلم- ويكيده كالمنافقين في المدينة، وكان يعرفهم ولم يعترض لهم»، وهذا غير صحيح من وجهين:
الوجه الأول: أنَّ اجتماع أقوام على مثل هذا منكر، وإنكارُ المنكر واجبٌ، قال عرفجة الأشجعي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فمَن أرادَ أن يفرِّق أمرَ هذه الأمة وهي جميعٌ، فاضربوهُ بالسَّيف كائنًا من كان»، وفي رواية:«مَنْ أتاكُم وأمرُكُم جميعٌ على رجُلٍ واحدٍ، يريدُ أن يشقَّ عَصاكُم، أو يفرِّقَ جماعتكُم، فاقتلُوه»(١)، وكلُّ ما أدَّى إلى منكرٍ ومحرَّمٍ فيجبُ إنكاره.
الوجه الثاني: لا يلزم حتى يتمَّ الإنكار أن يكونَ القتالُ والقتل، فقد يكونُ الفعلُ منكرًا ولا يقاتَلُ عليه، فإن القتال إنما يكون في الحالات الثلاثة السابقة من كلام ابن تيمية.
الأمر الثاني: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يقتل المنافقين، ومنهم عبد الله بن أبي سلول لحكمةٍ عظيمة، وهي ألَّا ينفر الكفار من الدين لظنَّهم أنَّ محمدًا -صلى الله عليه وسلم- يقتل