للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصحابه كما في الحديث نفسه أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يقتله وعلَّل بقوله: «لا يتحدثُ الناسُ أنَّ محمدًا يقتلُ أصحابه» (١).

الأمر الثالث: أنَّ الرجل الذي اعترضَ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كفَر لأنه اتَّهم رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- بالظُّلم فهو مستحقٌّ للقتل لأنه أظهرَ الرِّدة باتهام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه لم يعدل، وفي لفظٍ صريحٍ للبخاري «ما عدلت» (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية على قول هذا الرجل «اعِدِلْ يا محمد»: «ومثلُ هذا الكلام لا ريبَ أنه يوجبُ القتل لو قاله اليومَ أحدٌ، وإنَّما لم يقتله النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لأنه كان يُظهرُ الإسلام وهو الصلاة التي يقاتَلُ الناس حتى يفعلوها وإنما كان نفاقُه بما يخصُّ النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأذى، وكان له أن يعفو عنه وكان يعفو عنهم تأليفًا للقلوب لئلَّا يتحدَّثُ الناسُ أنَّ محمدًا يقتلُ أصحابه، وقد جاء ذلك مفسَّرًا في هذه القصة أو في مثلها» (٣).

الأمر الرابع: أنَّ الاستدلال بقصَّة اليهودي لا دلالة فيها على الحرية في النقد والمناصحة والاعتراض المزعوم لسببين:

السبب الأول: عدمُ صحة الحديث - فيما يظهر - فإن في إسناده حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام، وهو مجهولٌ جهالة حال لم يوثَّق توثيقًا معتبرًا،

وقد قال الذهبي عن الحديث: «ما أنكَرَهُ وأركَّه» اهـ (٤)، وقال الألباني في الضعيفة:


(١) سبق تخريجه (ص: ١٩٥).
(٢) أخرجه البخاري (٤٦٦٧).
(٣) الصارم المسلول (ص: ٢٢٨).
(٤) تلخيص المستدرك (٣/ ٧٠٠).

<<  <   >  >>