للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويؤكد ذلك ما في صحيح مسلم عن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «يا نبيَّ الله أرأيتَ إنْ قامتْ علينا أمراء يسألونا حقَّهم ويمنعونا حقَّنا فما تأمرنا؟، فأعرضَ عنه ثم سأله فأعرض عنه ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجَذبهُ الأشعثُ بن قيس وقال: اسمَعوا وأطيعوا فإنَّما عليهم ما حُملوا وعليكم ما حُمِّلتم» (١).

الوجه الثاني: أن ظاهر كلام ابن تيمية هذا يخالفُ كلامَ بقية أهل السنة في كتب العقائد في السمع والطاعة للحاكم في غير معصية الله، وقولهم مقدَّم على قوله.

الوجه الثالث: أن ظاهر كلام شيخ الإسلام هذا يعارضُ كلامه الكثير في السمع والطاعة للحاكم الفاسق في غير معصية الله؛ فقال: ويقولون - أي أهل السنة -: «إنه يُعاوَن على البر والتقوى دون الإثم والعدوان، ويُطاع في طاعة الله دون معصيته» (٢).

وقال: «ولكن عليَّ أن أطيع الله ورسوله، وأطيعَ أولي الأمر إذا أمروني بطاعة الله، فإذا أمروني بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. هكذا دلَّ عليه الكتاب والسُّنة، واتفق عليه أئمة الأمة.

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩].


(١) سبق تخريجه (ص: ٣٦).
(٢) منهاج السنة النبوية (١/ ٥٥٦).

<<  <   >  >>