للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الرابع: كلام الصحابة كثيرٌ في الصَّبر على جَور الحاكم المسلم؛ كعمر ابن الخطاب وأبي مسعود وابن مسعود وابن عباس وغيرهم - وقد تقدَّم - وفهمُ الصحابة مقدَّمٌ على فهم مَنْ بعدهم.

أما المغالطة الثالثة؛ فكَشفُها يتضح بكشف الشبهتين السابقتين ويُزاد عليهما بأن يقال: لا تجوز طاعة المخلوق في معصية الخالق سواء كان حاكمًا أو محكومًا، لكنْ فرقٌ بين فعل المعصية التي يطلبها السلطان، وبين فعل السلطان المعصية في غيره بأن يضربَ ويأخذ المال بغير حق.

قال ابن المنذر: «وهذا يقول عوام أهل العلم إنَّ للرجل أن يقاتل عن نفسه وماله وأهله، إذا أُريد ظلمًا، للأخبار التي جاءت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لم تخصَّ وقتًا دون وقت، ولا حالًا دون حال؟ إلَّا السلطان، فإنَّ جماعةَ أهل الحديث كالمجمعين على أنَّ من لم يمكنه أن يمنعَ نفسه وماله إلَّا بالخروج على السلطان ومحاربته: أنه لا يحاربه، ولا يخرج عليه، للأخبار الدالة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي فيها الأمرُ بالصبر على ما يكون منهم من الجور والظلم، وترك قتالهم، والخروج عليهم ما أقاموا الصلاة» (١)، وقد نقل كلامَ ابن المنذر هذا الحافظُ ابن حجر، وأقرَّه (٢).

أما المغالطة الرابعة؛ وهو ادعاؤه النسخ فيقال من المتقرِّر أصوليًّا أنه لا يُصار إلى النسخ إلَّا بشرطين:

الشرط الأول: عدم إمكان الجمع.


(١) الإشراف على مذاهب العلماء (٧/ ٢٤٨).
(٢) فتح الباري (٥/ ١٢٤).

<<  <   >  >>