للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا الإجماع يُبين خطأ عبد الله بن عمرو لمَّا عمَّم حديث: «من قُتل دون ماله فهو شهيد». فإن الإجماع إذا انعقدَ بعد خلافٍ كشف القولَ الراجح من المرجوح.

فكيف يفزعُ منصفٌ لأثر عن صحابي واحد يخالف نصوصًا كثيرة خاصة وعامة، ويخالف فتاوى صحابة أخرين وإجماعات!!

أما الجوابُ على قول أبي بكر: «فمن سُئلها من المسلمين على وجهها فليُعطِها، ومن سُئل فوقَها فلا يُعط»، فمن وجهين:

الوجه الأول: أنه لا إشكال في قول أبي بكر هذا لأنه في عدم إعطاء ما زادَ على الزكاة اختيارًا بغير حقٍّ للحاكم، وذلك عند سؤاله لما زاد من الزكاة، وليس في قوله -رضي الله عنه- ردُّ الحاكم بالقوة أو مقاتلتُه إذا أرادَ الزائد من الزكاة بالقوة، فإذًا لا وجه لإيراد ابن حزم له في هذا الصَّدد.

قال ابن حجر: «أي من سُئل زائدًا على ذلك في سنٍّ أو عددٍ فله المنع؛ ونقل الرافعي الاتفاقَ على ترجيحه؛ وقيل معناه فليمنع الساعي وليتولَّ هو إخراجَهُ بنفسه أو بساعٍ آخر، فإن الساعي الذي طلب الزيادة يكون بذلك متعديًا، وشرطُه أن يكون أمينًا، لكنْ محلُّ هذا إذا طلب الزيادة بغير تأويل» (١).

الوجه الثاني: ليكن قوله - جدلًا - دالًّا على مقاتلة مَنْ أراد ما زادَ على الزكاة، فإنَّ قوله هذا عامٌّ والحاكمُ مخصوصٌ من هذا العام لسببين:

السبب الأول: الأدلة الخاصة الآمرة بالصَّبر على جَور الحاكم.

السبب الثاني: إجماعاتُ أهل السُّنة الآمرة بالصَّبر على جَور الحاكم.


(١) فتح الباري (٣/ ٣١٩).

<<  <   >  >>