للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: أن هذا الأثر مخالفٌ لأثر عمر.

قال سويد بن غفلة: «قال لي عمر: يا أبا أمية؛ إني لا أدري لعلِّي أن لا ألقاكَ بعد عامي هذا؛ فاسمَعْ وأطِع وإنْ أمِّر عليك عبدٌ حبشيٌّ مجدَّع؛ إنْ ضربكَ فاصبر، وإن حرمكَ فاصبر، وإن أراد أمرًا ينتقصُ دينك فقل: سمعٌ وطاعة ودمي دون ديني، فلا تفارق الجماعة» (١)، والفاروقُ خليفة راشد، فقولُه مقدَّم على غيره من غير الخلفاء الراشدين كعبد الله بن عمرو.

الوجه الثالث: أن قول عمر بن الخطاب مقدَّم - أيضًا - على قول عبد الله بن عمرو بن العاص للأدلة الكثيرة العامة والخاصة في الصبر على جَور الحاكم فهي مخصِّصة لحديث «مَنْ قُتل دونَ مالهِ فهو شهيد» فأَخرجت الحاكم من عمومه.

الوجه الرابع: أن العلماء مجمعون على عدم دخول الحاكم في حديث «مَنْ قُتل دونَ ماله … ».

فقد ثبتَ عن ابنِ سيرين أنه قال في الخوارج: «ما علمتُ أحدًا كان يتحرَّجُ من قتلِ هؤلاء تأثُّمًا ولا من قتلِ من أراد مالك إلَّا السلطان؛ فإنَّ للسلطان لحقًّا» (٢).

وقال ابن المنذر: «والذي عليه أهلُ العلم أنَّ للرجل أن يدفع عمَّا ذكر إذا أُريد ظلمًا بغير تفصيل، إلَّا أنَّ كلَّ من يُحفظ عنه من علماء الحديث كالمجمعين على استثناء السلطان؛ للآثار الواردة بالأمر بالصَّبر على جَوره، وترك القيام عليه» (٣).


(١) تقدم (ص: ١٥٤).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ١١٩).
(٣) نقله ابن حجر في فتح الباري (٥/ ١٢٤)، شرح ابن بطال (٦/ ٦٠٨) مختصرًا، وهو في الإشراف كما تقدم.

<<  <   >  >>