للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكشف هذه الشبهة من أوجه:

الوجه الأول: أن هذا القول مخالفٌ للأدلة الصريحة في أمر الفرد بالصبر على جَور الحاكم؛ قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «على المرءِ المسلم السمعُ والطاعة فيما أحبَّ وكرهَ إلَّا أن يؤمرَ بمعصيةِ الله، فإنه أُمِرَ بمعصيةٍ فلا سمعَ ولا طاعة» (١).

وقال أنس بن مالك، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر: «اسمَعْ وأطِعْ ولو لحبشيٍّ كأن رأسَهُ زَبيبة» (٢).

الوجه الثاني: أن هذا القول مخالفٌ للأدلة العامة الآمرة - بالصبر على جَور الحاكم وظُلمه، ولم تفرِّق بين الفرد والجماعة - والتي أجمع عليها أهل السنة.

الوجه الثالث: أن هذا الأثر مخالفٌ لأثر عمر. قال سويد بن غفلة، قال:

«قال لي عمر: يا أبا أمية إني لا أدري لعلِّي أن لا ألقاكَ بعد عامي هذا؛ فاسمَع وأطِع وإنْ أُمِّرَ عليكَ عبدٌ حبشيٌّ مجدَّع، إنْ ضربكَ فاصبر، وإنْ حرمكَ فاصبر، وإن أرادَ أمرًا ينتقصُ دينكَ فقل: سمعٌ وطاعة ودمي دون ديني؛ فلا تفارق الجماعة» (٣).

والفاروقُ خليفة راشد، فقولُه مقدَّم على غيره؛ وهو صريحٌ في صبر الفرد على جَور الحاكم إذا أراد مَاله؛ فهو مبيِّن أن أحاديث الصبر على جَور الحاكم مخصوصةٌ بالسلطان.


(١) أخرجه البخاري (٢٩٥٥)، ومسلم (١٨٣٩).
(٢) أخرجه البخاري (٦٩٣).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٦/ ٥٤٤) بإسناد صحيح.

<<  <   >  >>