للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآخر قالوا: بل كان هو الإمام الواجب طاعته، الذي لا يَنفُذ أمرٌ من أمور الإيمان إلَّا به، ولا تُصلَّى جماعة ولا جمعة إلَّا خلف من يولِّيه، ولا يجاهد عدوٌّ إلَّا بإذنه، ونحو ذلك، وأمَّا الوسط فهُم أهلُ السُّنة، الذين لا يقولون لا هذا ولا هذا، بل يقولون: قُتلَ مظلومًا شهيدًا، ولم يكن متولِّيًا لأمر الأمة، والحديثُ المذكور لا يتناوله، فإنه لما بلغهُ ما فُعل بابن عمِّه مسلم بن عقيل تركَ طلبَ الأمر، وطلبَ أن يذهبَ إلى يزيدَ ابنِ عمِّه، أو إلى الثغر، أو إلى بلده، فلم يمكِّنوه، وطلبوا منه أن يستأسِرَ لهم، وهذا لم يكُن واجبًا عليه» (١).

وقال أيضًا: «وأهل السُّنة والجماعة يردُّون غلوَّ هؤلاء وهؤلاء، ويقولون: إنَّ الحسين قُتلَ مظلوما شهيدًا، وإن الذين قتلوه كانوا ظالمين معتدين، وأحاديثُ النبي -صلى الله عليه وسلم- التي يأمُر فيها بقتالِ المفارقِ للجماعة لم تتناوله؛ فإنه -رضي الله عنه- لم يفرِّق الجماعة، ولم يُقتل إلا وهو طالب للرجوع إلى بلده، أو إلى الثغر، أو إلى يزيد، داخلًا في الجماعة، مُعرِضًا عن تفريق الأمة. ولو كان طالب ذلك أقلُّ الناس لوجبَ إجابته إلى ذلك، فكيف لا تجبُ إجابةُ الحسين إلى ذلك؟! ولو كان الطالب لهذه الأمور مَنْ هو دون الحسين لم يَجُزْ حبسهُ ولا إمساكُه، فضلًا عن أسرهِ وقتلهِ» (٢).

ثانيًا: الجواب على فعل عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-:

إنَّ عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- دعا لنفسه الحكم لمَّا انفلت الأمرُ من بني أمية بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية، وقبل ذلك لم يدْعُ لنفسه بالخلافة ولم


(١) منهاج السنة النبوية (٤/ ٥٥٣).
(٢) منهاج السنة النبوية (٤/ ٥٨٥).

<<  <   >  >>