للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخرج، بل قد بايعَ يزيد بن معاوية، فلمَّا دعا الناسَ لمبايعته استجابوا له حتى إنَّه حكم جميع بلاد المسلمين إلَّا الشام، وقيل إلَّا الأردن، فهو إذًا لم يخرج على حاكمٍ فاسق فلا يصحَّ نسبةُ هذا المذهب له.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ثم إنَّ ابنَ الزبير لما جرى بينه وبين يزيد ما جرى من الفتنة، واتَّبعه مَنْ اتَّبعه من أهل مكة والحجاز وغيرهما، وكان إظهارهُ طلبَ الأمر لنفسه بعد موت يزيد، فإنه حينئذ تَسمَّى بأمير المؤمنين، وبايَعهُ عامة أهل الأمصار إلَّا أهل الشام. ولهذا إنما تعدُّ ولايته من بعد موت يزيد، وأما في حياة يزيد فإنه امتنع عن مبايعته أولًا، ثم بذلَ المبايعة له، فلم يرضَ يزيدُ إلَّا بأن يأتيه أسيرًا، فجرَتْ بينهما فتنة، وأرسل إليه يزيد من حاصرَهُ بمكة، فمات يزيدُ وهو محصور، فلما مات يزيدُ بايعَ ابنَ الزبير طائفةٌ من أهل الشام والعراق وغيرهم. وتولَّى بعد يزيد ابنُه معاوية بن يزيد، ولم تطُلْ أيامه، بل أقامَ أربعين يومًا أو نحوها، وكان فيه صلاحٌ وزهد، ولم يستخلف أحدًا، فتأمر بعده مروان بن الحكم على الشام، ولم تطُلْ أيامه، ثم تأمَّر بعده ابنه عبد الملك» (١).

وقال ابن كثير: «ثم انبعثَ مسرفُ بن عقبة إلى مكة قاصدًا عبد الله بن الزبير ليقتله بها؛ لأنه فرَّ من بيعة يزيد، فمات يزيد بن معاوية في غضون ذلك، واستفحل أمرُ عبد الله بن الزبير في الخلافة بالحجاز، ثم أخذ العراق ومصر، وبويع بعد يزيد لابنه معاوية بن يزيد، وكان رجلًا صالحًا، فلم تطُلْ مدَّته؛ مكث أربعين يومًا، وقيل: عشرين يومًا. ثم مات -رحمه الله-، فوثب مروان بن الحكم على الشام فأخذَها، فبقي تسعة أشهر ثم مات، وقام بعده ابنه عبد الملك بن مروان» (٢).


(١) منهاج السنة النبوية (٤/ ٥٢٢).
(٢) البداية والنهاية (٩/ ٢٤٦).

<<  <   >  >>