للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها، بل لما فتح الله مكة وصارت دارَ إسلام عزمَ على تغيير البيت وردِّه على قواعد إبراهيم، ومنعه من ذلك - مع قدرته عليه - خشيةُ وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريشٍ لذلك؛ لقرب عهدهم بالإسلام وكونهم حديثي عهدٍ بكفر، ولهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد؛ لما يترتب عليه من وقوع ما هو أعظمُ منه كما وجد سواء» (١).

إنَّ ما يذكره ابن عبدالبر وابن تيمية وابن القيم وغيرهم من أهل العلم من الفساد المترتِّب على عدم الالتزام بمنهج السلف في أصل الإمامة = نراهُ بأعيينا اليوم فيما يسمَّى بالربيع العربي؛ الذي أُزهقت فيه أنفس عشرات الآلاف من المسلمين، بل وتجاوزت مائة ألف نفس في دولة مسلمة واحدة، فكيف إذا جمع ضحاياها بضحايا الدول الأخرى.

كل هذا عدا الأعراض المنتهكة والأموال المتلَفة، ومع وضوح هذه المفاسد وضوحَ الشمس في رابعة النهار، إلَّا أن دعاة الفتنة يزدادون عمايةً ونفخًا في هذه الفتنة التي أكلت الأخضر واليابس بتأصيلاتٍ بدعيةٍ عن مذهب السلف أجنبية، بل وصاروا يُحيون كتبًا أُلِّفت على طريقة أهل البدع في أصل الإمامة.

لذا عزمتُ - مستعينًا بمولاي سبحانه - على ذكر تأصيلات السلف في أصل الإمامة والولاية، وتنقية ذلك من أصولٍ بدعية دخيلة سواءٌ كانت بدعًا خارجية - أو غيرها - قدر استطاعتي.


(١) إعلام الموقعين (٣/ ١٢).

<<  <   >  >>