١ - أخطأ ابن حزم في نسبة الخروجَ إلى علي وكلِّ من معه، وكذلك إلى معاوية وكلِّ من معه، فإن هؤلاء لم يخرجوا على حاكم، وإنَّما حصل الخلافُ بينهم في أمرٍ استغلَّه المندسون بين صفوفهم، ممن كان مريدًا للشرِّ فحصلت الفتنة، فليست صورة المسألة خروجًا ألبته.
٢ - أخطأ ابن حزم في نسبة الخروج إلى طلحة والزبير وعائشة، ففعلُهم ليس خروجًا على حاكم، وإنما خلافُهم بماذا يُبدأ به بعد قتل عثمان، ولم يكن لهم قصد في القتال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فإنَّ عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت لقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنت أنَّ في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبيَّن لها فيما بعد أنَّ تركَ الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبلَّ خمارها.
وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال، فندم طلحة والزبير وعلي رضي الله عنهم أجمعين، ولم يكن يومَ الجمل لهؤلاء قصدٌ في الاقتتال، ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم، فإنه لما تراسل علي وطلحة والزبير، وقصدوا الاتفاق على المصلحة، وأنهم إذا تمكَّنوا طلبوا قتلة عثمان أهلَ الفتنة، وكان علي غيرَ راضٍ بقتل عثمان ولا معينًا عليه، كما كان يحلف فيقول: والله ما قتلتُ عثمان ولا مالأتُ على قتله، وهو الصادق البارُّ في يمينه، فخشي القتلة أن يتفق علي معهم على إمساك القتلة، فحملوا على عسكر طلحة والزبير، فظنَّ طلحة والزبير أنَّ عليًّا حملَ عليهم، فحملوا دفعًا عن أنفسهم، فظنَّ علي أنهم حملوا عليه، فحمل