للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكشف هذه الشبهة أن يقال:

إن كلام الإمام ابن تيمية حق وهو تحديدًا في عدم قتال من لم يبايع حاكمًا معينًا فحسب لكن لابد من معرفة ما يلي:

أولًا أن كلامه على قتالها لا على عدم تأثيمها وأنها عاصية لعدم بيعة حاكمها؛ فلا تلازمَ بين عدم القتال و عدم التأثيم؛ بل هي آثمة لأحاديث وجوب بيعة الحاكم.

قال ابن عمر: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من خلعَ يدًا من طاعة، لقيَ الله يومَ القيامة لا حجَّة له، ومَن ماتَ وليس في عُنقه بيعة، ماتَ ميتةً جاهلية» (١)، فلهذا إذا لم تبايع جماعة أو فردٌ سلطانَهُم وحاكمَهُم فهم آثمون.

وعجبًا كيف يبلغ الهوى بصاحبه يُسهِّل ارتكابَ الإثم والمعصية بعدم بيعةِ الحاكم بحجَّة أنه لا يقاتل! إذن فليُسهّل في كلَّ ذنبٍ لا قتلَ فيه؛ كالربا وزنى غير المحصن وهكذا … !!

ثانيًا/ أن عدم قتال من لم يبايع لا يعني يسمح له في دعوة الناس للافتيات على الولاية وهكذا …

ثالثًا/ أن عدم قتال من لم يبايع لا يعنى يسمح لهم بالمظاهرات بل يمنعون من ذلك بالقوة.

تنبيه:

ليس لكلام شيخ الإسلام هذا علاقةٌ في تجويز الخروج - كما يظنُّ بعضهم - لما تقدم أنَّ كلامه في عدم قتال من لم يبايع فقط لا أنَّه في عدم قتال مَنْ خرج؛ فقد قرَّر أنه يقاتل (٢)، ثم إنَّ كلامه كثيرٌ في عدم جواز الخروج على الحاكم الفاسق، وأنه خلافُ منهج أهل السنة (٣).


(١) أخرجه مسلم (١٨٥١).
(٢) تقدم (ص: ١٩١).
(٣) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (٣/ ٣٩١): «ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروجَ على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلمٌ، كما دلَّت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-».

<<  <   >  >>