للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأصل فالفرعُ - وهي الإمامة العامة - من باب أولى؛ أن تكون مكروهةً لا محرمة.

الوجه الثاني: أن هذا القياس قياسٌ فاسد، وذلك أنَّ المعتبر في الإمامة العظمى اختيار أهل الحلِّ والعقد لا عامَّةِ الناس، وهذا بخلافِ الصلاة، فالمعتبر المصلُّون خلفَهُ أيًّا كانوا، فعلى هذا لا يصحُّ القياس.

الوجه الثالث: أنه لو صحَّ هذا القياس تنزُّلًا، فإنه لا يصحُّ أن يظنَّ أنَّ تجاوبَ بعضِ العامة في كُرهِ حاكمٍ لأجل تحريض الثوريين أن هؤلاء العامة يكونون الأغلبية؛ بل هؤلاء قلَّة، وأكثرُ العامة على خلافهم.

الوجه الرابع: أنَّ المصلين الكارهين للصلاة خلف إمامٍ يجبُ عليهم عند ائتمامه بهم أن يتابعوه؛ وهكذا يقال في الحاكم المتغلب فإنه يجب السمع والطاعة له وإن كانوا كارهين.

الوجه الخامس: أنه لو تغلب رجلٌ على الحكم والناسُ كارهون له، فإنَّ حكمه صحيح بإجماع أهل السنة - كما تقدم - (١)، والواجبُ دعوة الناس للاجتماع عليه لا تحريضُهم، فإنَّ التحريضَ محرَّمٌ كما تقدم (٢).

وبعد معرفة بطلانِ هذا القياس، صدق التابعي الجليل محمد بن سيرين لما قال - فيما ثبت عنه -: أول مَنْ قاسَ إبليس، قال: خلقتَني من نارٍ وخلقتَهُ من طين، وإنما عُبِدَت الشمسُ والقمرُ بالمقاييس (٣).


(١) تقدم (ص: ٦٨).
(٢) تقدم (ص: ٤٦).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٧/ ٢٥٣).

<<  <   >  >>