للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنما بعثتُ عمالي - أي نَّوابي - إليكم ليعلِّموكم كتابَ ربكم وسنَّة نبيكم، ويقيموا بينكم فيئكم (١).

بل هذه يتكلَّم فيها من علماء المسلمين من يعلم ما دلت عليه الأدلة الشرعية الكتاب والسنة. فكلُّ مَنْ كان أعلَمَ بالكتاب والسُّنة فهو أولى بالكلام فيها من غيره، وإن لم يكن حاكمًا، والحاكمُ ليس له فيها كلامٌ لكونهِ حاكمًا، بل إنْ كان عنده علمٌ تكلَّم فيها كآحاد العلماء، فهؤلاء حكموا فيما ليس لهم فيه الحكم بالإجماع، وهذا من الحكم الباطل بالإجماع» (٢).

الجهة الثانية: بيان عدم دقَّة كلامِ العز بن عبد السلام، وذلك أنه علَّق الجهلَ بالحكام لا بالأمر، وأنبِّه إلى أنَّ قول العز بن عبد السلام: «وهذا مختصُّ فيما لا ينقضُ حكمَ الآمر به، فإن كان مما يُنقَضُ حكمُه به فلا سمع ولا طاعة» أي في هذا المأمور بعينه لا مطلقًا، ولو أرادَ مطلقًا لكان قوله مخالفًا لإجماع أهل السنة


(١) أخرجه أحمد (١/ ٤١)، وابن أبي شيبة (٦/ ٤٦١)، وأخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (٣/ ٢١٣)، ومن طريقه البلاذري في أنساب الأشراف (٣/ ٣٩٦)، والإسنادُ صحيح إلى الربيع بن زياد الحارثي، والربيع بن زياد الراوي عن عمر اختُلف في صحبته وجزمَ بأنه صحابي ابنُ عبد البر في الا ستيعاب (٢/ ٤٨٨) فقال: له صحبة ولا أقف له على رواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- اهـ، ولم يرضَ هذا ابنُ حجر لأنه لم يأت بدليلٍ على أنه صحابي فقال في الإصابة في تمييز الصحابة (٢/ ٣٨٠): قال أبو عمر له صحبة ولا أعرف له رواية؛ كذا قال، وقال أبو أحمد العسكري: أدركَ الأيام النبوية ولم يقدُم المدينة إلَّا في أيام عمر، وذكره البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان في التابعين اهـ. لذا الصواب أنه تابعي ولم أقفْ على مَنْ وثَّقه إلَّا ذكر ابن حبان له في الثقات، ولعل رواية الربيع عن عمر مقبولة لأنه من عماله وله أخبار كثيرة عنه. قال ابن حجر في الإصابة (٢/ ٣٨١): وله مع عمر أخبار كثيرة اهـ.
(٢) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٢٩٦).

<<  <   >  >>