للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في ذلك وجهان؛ وخرَّج الآمدي روايتين بناءً على أن خطأه هل هو على عاقلته أو في بيت المال؛ لأنَّا إنْ جعلناه على عاقلته فهو متصرِّفٌ بنفسه، وإن جعلناه في بيت المال، فهو متصرِّف بوكالتهم لهم وعليهم، فلا يضمن لهم ولا يهدر خطأه، فيجب في بيت المال. واختيار القاضي في خلافه أنه متصرِّف بالوكالة لعمومهم.

وذكر في الأحكام السلطانية روايتين في انعقاد الإمامة بمجرد القهر من غير عقد، وهذا يحسُن أن يكون أصلًا للخلاف في الولاية والوكالة أيضًا، وينبني على هذا الخلاف أيضًا انعزاله بالعزل؛ ذكرَهُ الآمدي، فإن قلنا: هو وكيل فله أن يعزل نفسه.

وإن قلنا: هو والٍ لم ينعزل بالعزل كما أنَّ الرسول ليس له عزلُ نفسه ولا ينعزلُ بموت مَنْ بايعه؛ لأنه وكيل عن الجميع لا عن أهل البيعة وحدَهم، وهل لهم عزلُه إذا كان بسؤاله فحكمُه حكمُ عزل نفسه، وإن كان بغير سؤاله لم يُجز بغير خلاف، هذا ظاهرُ ما ذكره القاضي وغيره» (١).

فكيف يدَّعي حاكم العبيسان أنه لا خلاف في هذه المسألة؟

وتقدَّم بيان أنه يلزم على القول بأنه عقد ولاية أو وكالة لوازمُ باطلة؛ لذا لسنا مُلزَمين بهذين الأمرين، ثم لم أرَ الأوَّلين عبَّروا بأنه عقدُ وكالة أو ولاية (٢).

وما تقدَّم نقله عن الفقهاء إنما هو قولُ المتأخرين دون الأولين، ويلزمُ على قولهم لوازمُ مخالفة لقول أهل السنة - كما تقدم - (٣).


(١) القواعد (ص: ١١٣).
(٢) تقدم (ص: ١٤٣).
(٣) تقدم (ص ٤٤).

<<  <   >  >>