للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شئون الدولة ولا تصلحُ شئون الأمة على مثل هذا» (١).

والجواب على هذا من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: ليس في كلام عثمان لا لفظًا ولا مفهومًا ما يدلُّ على أنَّ الذي منعَهُ من خَلْعِ نفسهِ أنَّ أهلَ الفتنة ليسوا كلَّ الأمة أو أكثرها كما توهَّم الدكتور.

الوجه الثاني: تقدَّمت الأدلة والإجماعاتُ في حُرمةِ خَلْعِ الرَّعية للإمام مهما ظلمَ وفسقَ بما أنه مسلم (٢)، فلا يُترك هذا المتيقَّن إلى ظُنونٍ متوهَّمة، بل أوهامٍ؛ لأنها مخالفةٌ للنصوص والإجماع.

الوجه الثالث: أنَّ الذي منع عثمان -رضي الله عنه- من التنازل عن الخلافة هو رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فقد ثبتَ عند الإمام أحمد: عن عائشة، قالت: «أرسَلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إلى عثمان بن عفان، فأقبل عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلمَّا رأينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أقبلتْ إحدانا على الأخرى، فكان من آخرِ كلامٍ كلَّمه، أنْ ضرَبَ مَنكبهُ، وقال: «يا عثمان، إنَّ الله -عز وجل- عسى أن يلبسكَ قميصًا، فإن أرادكَ المنافقونَ على خَلعهِ، فلا تَخلَعهُ حتى تلقاني، يا عثمان، إنَّ الله عسى أن يُلبسكَ قميصًا، فإن أرادكَ المنافقونَ على خَلعهِ، فلا تَخلعهُ حتَّى تلقاني» ثلاثًا، فقلت لها: يا أمَّ المؤمنين، فأين كان هذا عنك؟ قالت: نسيتهُ، واللهِ فما ذكرتُه. قال: فأخبرتُه معاوية بن أبي سفيان، فلم يرضَ بالذي أخبرتُه حتى كتبَ إلى أمِّ المؤمنين أن اكتُبي إليَّ به، فكتبتْ إليهِ به كتابًا» (٣).


(١) (ص: ٤٤).
(٢) تقدم (ص: ١٨١).
(٣) أخرجه أحمد (٦/ ٨٦)، وهذا إسنادٌ ظاهره الصحة، وقد اختُلفَ فيه على أوجه، وصحَّح الدارقطني (١٤/ ٨٨) هذا الوجه، وسند هذا الوجه صحيح.

<<  <   >  >>