للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقتدون بأمرهِ، ثمَّ إنها تَخلُفُ من بعدِهم خُلوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يُؤمرون، ومَن جاهدَهُم بيده فهو مؤمن، ومَن جاهدَهُم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهَدهُم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراءَ ذلك من الإيمان حبَّة خردل»، وفي رواية: «خوالفُ أمراء يقولونَ ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون».

قال ابن رجب الحنبلي: وهذا يدلُّ على جهاد الأمراء باليد، وقد استنكر أحمد هذا الحديث … وقد يُجابُ عن ذلك بأنَّ التغيير باليد لا يستلزمُ القتال، وقد نصَّ على ذلك أحمد أيضًا فقال: التغيير باليد وليس بالسيف والسلاح، فحينئذ فجهاد الأمراء باليد … أن يُبطل بيده ما أمروا به من الظُّلم إنْ كان له قدرةٌ على ذلك، وكلُّ ذلك جائز، وليس هو من باب قتالهم ولا الخروج عليهم» (١).

تقدَّم بيان معنى هذا الحديث (٢)، والردُّ على من أراد أن يستند عليه للخروج على الحاكم المسلم، ولو كان فاسقًا، ثم نقل كلام ابن رجب وهو عليه؛ لأنه يقرر حُرمة الخروج، وهذا مخالفٌ لكلام حاكم العبيسان.

وإن إيراد الدكتور هذا الحديث لبيان جواز الإنكار على السلطان والوالي بغير الطرق الشرعية التي سبق ذكرها = خطأ ظاهر، وذلك أنه على أحد المعاني لهذا الحديث يكونُ المرادُ إبطال ما أَتوا من المعاصي؛ كآلاتِ الملاهي وإراقةِ الخمور وهكذا … إذا كانت هناك قدرةٌ ولم تترتب عليه مفسدة أكبر.

قال ابن رجب: «وقد يُجاب عن ذلك بأن التغيير باليد لا يستلزم القتال، وقد نصَّ على ذلك أحمد أيضًا في رواية صالح، فقال: التغيير باليد ليس بالسيف


(١) (ص: ٧١).
(٢) تقدم (ص: ١٩٨).

<<  <   >  >>