الموبقة الرابعة: وقع الدكتور في تناقضٍ عظيم، فقد ذكرَ أن سببَ تبنِّي الحسن البصري عقيدة الصَّبر على جَور الحاكم المسلم - والتي سمَّاها الدكتور بغيًا أو جهلًا جبرًا - كانت ردَّة فعلٍ بعد فتنة ابن الأشعث - وهي وقعة أصحاب الجماجم والحرَّة - وكلامُ الحسن البصري الذي نقله الدكتور وصحَّحه كان قبل ظفَر الحجاج وغلَبته، بل لعلَّه كان قبل ابتداء خروجهِم عليه؛ لذا كان ينهاهُم بالكلام الذي نقلَه الدكتور وصحَّحه.
الموبقة الخامسة: زعمَ أنَّ الحسن البصري يرى الخروجَ على الحجاج، لكنه تراجعَ بعد الهزيمة، واعتمدَ على قول يونس:«كان الحسن - واللهِ - من رؤوس العلماء في الفتنة والدماء»، مع أنَّ كلام الحسن واضحٌ أنه قبل الفتنة أو وقتها قبل ظفَر الحجاج، أو أنَّ معنى كلام يونس أنَّ الحسن من رؤوس العلماء في الفتنة أي الذين واجهوا الفتن. وبهذا تستقيم النقولات عنه وتتفق.
ودونكَ أثرين ثابتين في طبقات ابن سعد مذكورَين بعد أثرِ يونس عن الحسن، وهذان الأثران يدلَّان على أنه خرجَ مُكرهًا:
الأثر الأول: روى ابن سعد بإسناد صحيح عن أيوب قال: قيل لابن الأشعث: إنْ سرَّكَ أن يُقتلوا حولكَ كما قُتلوا حولَ جمل عائشة فأخرجِ الحسن. فأرسل إليه فأكرَهَه (١).
الأثر الثاني: روى ابن سعد في طبقاته بإسناد صحيح: قال ابن عون: «استبطَأ الناسُ أيام ابن الأشعث فقالوا له: أخرِج هذا الشيخَ - يعني الحسن - قال ابن عون: فنظرتُ إليه بين الجسرين وعليه عمامةٌ سوداء، قال: فغفلوا عنه، فألقى