للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجهة الثانية:

أقوال أهل العلم الناقضة لهذا الإجماع المدَّعى وهذه النقولات؛ إمَّا أنها منصوصةٌ حتى في الحاكم الجائر، أو بألفاظٍ عامة تشمَلُ حتى الجائر؛ لأن الحكمَ لو كان خاصًّا بالعدل لخصَّه هؤلاءِ العلماء، فلما لم يخصُّوه دلَّ على عمومه.

قال النووي: «قال القفال، وسواءٌ كان الامام عادلًا أو جائرًا فإنَّ الخارجَ عليه باغٍ» (١).

وقال الصنعاني: «دلَّت هذه الألفاظ على أنَّ من خرجَ على إمامٍ قد اجتمعت عليه كلمةُ المسلمين؛ والمرادُ أهلُ قُطرٍ كما قلناه، فإنه قد استحقَّ القتل لإدخاله الضَّرر على العباد؛ وظاهرهُ سواءٌ كان جائرًا أو عادلًا، وقد جاء في أحاديث تقييدُ ذلك بما أقاموا الصلاة. وفي لفظ: ما لم تروا كفرًا بواحًا» (٢).

وقال ابن قدامة: «قومٌ من أهل الحق، يخرجون عن قبضة الإمام، ويرومون خلعَهُ لتأويلٍ سائغ، وفيهم منعة يحتاج في كفِّهم إلى جمع الجيش، فهؤلاء البغاة، الذين نذكر في هذا الباب حكمَهُم، وواجبٌ على الناس معونة إمامهم، في قتال البغاة؛ لما ذكرنا في أول الباب؛ ولأنهم لو تَركوا معونته، لقهرهُ أهلُ البغي، وظهرَ الفساد في الأرض» (٣).

وقال أيضًا: «فمَن خرجَ على من ثبتتْ إمامتُه بأحد هذه الوجوه باغيًا، وجبَ قتالُه، ولا يجوزُ قتالهم حتى يَبعث إليهم مَنْ يسألهم، ويكشفَ لهم


(١) المجموع شرح المهذب (١٩/ ١٩٨).
(٢) سبل السلام (٢/ ٣٧٨).
(٣) المغني (٨/ ٥٢٦).

<<  <   >  >>