وهذا يؤكد أنَّ تطبيق الشريعة مراعاة القواعد الشرعية والمصالح الظنية التي بُنيتْ عليها تفاصيلُ النصوص، لا أن نتمسك ببعض الأحكام بعيدًا عن عِلَلها ومقاصدها في المصالح الدنيوية، ونأخذها كما نأخذُ نصوصَ العبادات المحضة التي قصد بها مجردُ الامتثال لنهدمَ بتلك النصوص القواعدَ والمقاصدَ التي جاءت بها الشريعة».
ثم قال:«وفي عهد الخلفاء الراشدين قد نرى أمثلةً خالفَ فيها الخليفةُ ما كان عليه من العمل في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما فعل عمر -رضي الله عنه- في مسائلَ عديدةٍ سوف آتي على شيء منها، وهذا يؤكِّد أنَّ المقصود في تطبيق الشريعة هو مراعاة مقاصدها وقواعدها».
ثم قال: «إذًا هي معادلةٌ تتغير نتيجتها إذا تغيَّر أحدُ طرفَي المعادلة.
فَهْمَ واقعِ الأفرادِ والشعوب النفسي والفكري، وَقْدرُ ما يتحمَّلون من الشرع، وما يصلحهم ويَصلحُ لهم = هو فِقهٌ دقيقٌ تختلفُ فيه الأنظار، ويتفاوتُ في دركهِ النظار.
والتطبيق العملي مركَّب من معرفة النصوص الأصلية أولًا، ومن معرفةِ الظَّرف التاريخي الذي يُراد التماس حُكمهِ ثانيًا، بما في ذلك معرفة الاستعداد للقبول وردَّات الفعل، وهل تعودُ على المجموع بالضَّرر، أو تُربك مسيرةَ الحياة، أو تُربك مسيرةَ الإصلاحِ المتدرِّج؟.
تُربك مسيرة الحياة بإثارة المشكلات، والتنازع الشديد المؤدِّي إلى انفصام عُروة الجماعة، أو تراجع التنمية والاقتصاد، أو تسلُّط الأعداء.