ومسلمِهم وكافرِهم، فهو رجوعٌ إلى الكثرة لا إلى الأعلم والأفهَم والأوجَه الذين هم أهلُ الحلِّ والعقد.
واستدلَّ هؤلاء بأن عمر لما جعل الأمر في الستة انحصر الأمر في اثنين عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، فأخذ عبد الرحمن بن عوف يسأل الناس في المدينة، ثم قال:«ما رأيتهم يعدلونَ بعثمان أحدًا» فبايع عثمان.
قال المسور بن مخرمة وهو يحكي قصة بيعة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-: فلما اجتمعوا تشهَّد عبد الرحمن، ثم قال: أما بعد؛ يا عليُّ إني قد نظرت في أمر الناس، فلم أرَهُم يعدلون بعثمان، فلا تجعلن على نفسك سبيلًا، فقال: أبايعك على سنة الله ورسوله، والخليفتين من بعده، فبايعه عبدالرحمن، وبايعه الناس المهاجرون والأنصار، وأمراء الأجناد والمسلمون (١).
وجه الشاهد عندهم أنه قدَّم عثمان على علي بأن رأى الناس لا يقدِّمون على عثمان أحدًا؛ فأرجع الأمر إلى الناس.
وهذا الأثر حجَّة عليهم لا لهم من أوجه:
الوجه الأول: أن عمرَ جعلَ الأمر في ستة، وهذا يخالف مبدأ الديمقراطية؛ لأنه يكون في الناس كلِّهم لا ستة.
الوجه الثاني: أن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- وأرضاه لم يسأل الشعب كلَّهم، بل سألَ أهل المدينة ومَن جاء فيها من الأجناد والجيش، وعلى مبدأ الديمقراطية يرجع إلى جميع الشعب - كما تقدم -.