للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كشف شبهات

تثار في أصل الإمامة والولاية

أثار كثيرٌ من أهل الباطل كثيرًا من الشُّبهات على أصلِ الإمامة عند أهل السنة والجماعة، لأسبابٍ وأغراض متعدِّدة، وتابعهُم بعضُ الجهَلة اغترارًا بحُسن دعواهم وباطلهم، قال الله سبحانه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: ١١٢].

لاسيما وقد أظهر كثير من هؤلاء باطلَهم باسم الحرية والحقوق، فخدعوا العامة من الناس، وما علموا أن حقيقة هذه الحرية والحقوق المدَّعاة إفسادٌ للدنيا وهلاكٌ للدين، فإنَّ الشريعة ما شَرعت السمعَ والطاعة للإمام والسلطان إلَّا لمصالح العباد، فهي تدفع المفسدة الكبرى بالمفسدة الصغرى.

قال ابن عبدالبر: «لأن في منازعته والخروج عليه استبدالَ الأمن بالخوف، ولأنَّ ذلك يحمل على هِراقِ الدماء وشَنِّ الغارات والفساد في الأرض، وذلك أعظَمُ من الصبر على جَورهِ وفسقه، والأصولُ تشهد، والعقلُ والدينُ أنَّ أعظم المكروهَين أَولاهما بالترك» (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرونَ الخروجَ على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم؛ كما دلَّت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الفساد في القتال


(١) التمهيد (٢٣/ ٢٧٩).

<<  <   >  >>