من لسانك ويدك وأشرف الهجرة أن تهجر السباب وأشرف الجهاد أن تقتل ويعقر فرسك (طص عن ابن عمر. ورواه ابن النجار وزاد: وأشرف الزهد أن يسكن قلبك على ما رزقت وإن أشرف ما يسأل من الله عز وجل العافية في الدين والدنيا)" (ض).
(أشرف الإيمان) أحبه إلى الله (أن يأمنك الناس) فيه دليل على أن اللام في حديث فضالة بن عبيد في قوله: "المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم"، أنه للدلالة على أن المراد الذي تحققت له صفة الإيمان وظهرت عليه علاماته كما قاله الإِمام عبد القاهر في قوله: واللام في العبد أن اللام للدالة على أن كونه عبداً أمر ظاهر وقرره السعد في المطول وأطال في تقريره ومثله يجري في قوله (أشرف الإِسلام أن يسلم الناس من لسانك ويدك)[١/ ٣٠٤] وحديث جابر عند مسلم: "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده" (١) وإذا عرفت هذا فلا يرد أن من كان على خلاف هذه الصفة لا يُسمى مؤمناً ولا مسلماً، نعم ليس أشرف إيمان ولا أشرف إسلام بل يكون متصفاً بمطلق الإيمان والإِسلام وقد لوحظ في الحديث إلى الاشتقاق ودل على أن أشرف الإيمان أعظم من أشرف الإسلام لأنه جعل حقيقة ذلك عدم أذية الناس باللسان واليد وكفهما عنهم وجعل حقيقة الأول أمانة الناس له وبينهما بون بعيد وتقدم تفسير "سلامة الناس من يده ولسانه" (وأشرف الهجرة) لغة مأخوذة من الهجر ضد الوصل ثم غلب على الخروج من أرض إلى أرض وترك الأولى للثانية لأجل الله وفضلها مملوء بها كتب السنة والتفسير فأخبر - صلى الله عليه وسلم - هنا أن أشرف الهجرة (أن تهجر السيئات) فإن من هاجر ولم يهجر السيئات لا يكمل شرف هجرته ثم ليس المراد أن أشرف الهجرة هجر السيئات مع البقاء في دار الكفر لأن الباقي في دار الكفر غير هاجر