للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(بحث في كلمة التوحيد)]

(أفضل الذكر لا إله إلا الله) كأن المراد بعد القرآن وإلا فإنه أفضل الذكر على الإطلاق ويوافقه حديث: "أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله" (١) وهذه الكلمة الشريفة هي التي أباح الله الأرواح والأنفس والأموال وصانها بها وبعث رسله أولهم وآخرهم بدعاء الخلق إليها كل رسول يقول: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: ٥٩] وهي أعلى شعب الإيمان وهي باب الإِسلام فإنها نفت كل إله وأثبتت إلهيته تعالى والقصر إفرادي لأن المخاطبين كانوا يعتقدون الشريك معه في الإلهية ولذا يقول لهم تعالى: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [القصص: ٦٢] ويحتمل القلب لمن يعتقد أن الإله سواه تعالى لكن قال البعض: ليس في فرق المشركين من ينفي الرب تعالى.

واعلم أنه قد اشتهر السؤال عن الإشكال المشهور للرازي في أن القاعدة أنه إذا لم يقم دليل على تقدير الخاص قدر العام وهنا لا دليل فالتقدير لا إله موجود إلا الله ولا يتم التوحيد إلا بإحالة إله سواه تعالى لا ينفي وجوده وقد اضطرب الناس في حله، وألفت فيه رسائل قال بعض المحققين وعندي أن الإيراد ليس بالقوي لأنا لا نريد إلا (ما الجائنا ضرورة أنها الحاديات) إلى وجوب وجوده فإن قلنا: يتنافى واجبين فقد تضمن وجوده إحالة الثاني ثم إن دليل العقل والشرع دلا على تنافي واجبين فهما دليل على تقدير الخاص أعني الإمكان الذي يستلزم من فرض وجود الثاني محالاً هذا خلاصة كلامه، فأفاد أن لك أن تقدر العام ولا يلزم الإشكال لأن الدليل على تنافي واجبين أو تقدير الخاص لقيام الدليل على تقديره وأحسن منه ما قاله عصام الدين في حواشي الجامي نقلاً عن رسالة لجار الله الزمخشري: أن أصل التركيب الله اللام قدم وأخر وأدخل عليه أداة القصر


(١) أخرجه الترمذي (٣٥٨٥) وقال: حديث غريب، ومالك في الموطأ (٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>