وكان سليل أسرة اشتهرت بالعلم والتدين، وكان أبوه من العلماء الصالحين ذوي المكانة العلمية الرفيعة التي جعلت بعض أبناء العلماء والوجهاء يتلقون العلم على يديه.
وقد توفي والد السيوطي ولابنه من العمر ست سنوات، فنشأ يتيمًا، واتجه إلى حفظ القرآن الكريم، فأتم حفظه وهو دون الثامنة، ثم حفظ بعض الكتب في تلك السنن المبكرة مثل العمدة، ومنهاج الفقه، والأصول، وألفية ابن مالك، فاتسعت مداركه وزادت معارفه. وكان السيوطي محل العناية والرعاية من عدد من العلماء من رفاق أبيه، وتولى بعضهم أمر الوصاية عليه، ومنهم "الكمال بن الهمام الحنفي" أحد كبار فقهاء عصره، وتأثر به الفتى تأثرًا كبيرًا خاصة في ابتعاده عن السلاطين وأرباب الدولة.
ذكر في كتاب المنح البادية -مخطوط- أنه كان يلقب بابن الكتب لأن أباه طلب من أمه أن تأتيه بكتاب ففاجأها المخاض، فولدته وهو بين الكتب (١).
[شيوخه]
عاش السيوطي في عصر كثر فيه العلماء الأعلام الذين نبغوا في علوم الدين على تعدد ميادينها، وكان منهج السيوطي في الجلوس إلى المشايخ هو أنه يختار شيخاً واحداً يجلس إليه، فإذا ما توفي انتقل إلى غيره، وكان عمدة شيوخه (محيي الدين الكافيجي) الذي لازمه السيوطي أربعة عشر عامًا كاملة وأخذ منه أغلب علمه، وأطلق عليه لقب (أستاذ الوجود)، ومن شيوخه (شرف الدين المناوي) وأخذ عنه القرآن والفقه، و (تقي الدين الشبلي) وأخذ عنه الحديث
(١) راجع مقال الدكتور عدنان درويش، والأعلام للزركلي (٣/ ١٠١)، الكواكب السائرة (١/ ٢٢٦)، شذرات الذهب (٨/ ٥١).