أي الأحاديث التي أتى لفظها بصيغة:"نهى" سواء كان معلومًا أو مجهولًا، وقد أتى بالحديث الأول مبينًا للمعلوم مصرحًا بفاعله [٤/ ٣٢٩] أنه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وبقية أحاديث الباب مبنية للمجهول لا يريد به إلا أن الناهي هو المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.
واعلم أيضًا أن أصل النهي التحريم فلا يحمل على غيره إلا لدليل، وقد تبين في أشياء أنها للتحريم وفي أشياء أنها لغيره لدليل وما سكتنا عنه فهو باق على هذا الأصل أعني التحريم.
ثم اعلم أن تعبير الصحابي بقوله:"نهى" رواية بالمعنى لأنه يحتمل أنه في لفظه - صلى الله عليه وسلم - لا تفعلوا كذا كما قال:"لا تقام الحدود في المساجد ... " الحديث يأتي في حرف لا فقال الراوي: "نهى عن إقامة الحدود في المساجد". وكما قال:"لا تتخذوا شيئًا فيه الروح عرضًا" فقال: نهى أن نتخذ شيئًا فيه الروح عرضًا، ويحتمل أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: "أنا أنهى عن كذا" فقال الراوي: نهى عن كذا إلا أن هذا قليل في الأحاديث، وعلى كل حال فالرواية بالمعنى إلا أنه معلوم أن الصحابي لا يأتي إلا بلفظ يوافق اللفظ النبوي لديانته وعلمه باللغة.
٩٣٠٩ - "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأغلوطات. (حم د) عن معاوية (ح) ".
(نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأغلوطات) جمع أغلوطة كأعجوبة، ويقال: الغلوطات بحذف الهمزة وهي المسائل المشكلة التي يغالط بها العالم لتشويش فكره فيزل فيها وذلك لما فيها من إيذاء المسئول وإظهار فضل السائل مع عدم نفعها في الدين، قال الأوزاعي: إذا أراد الله أن يحرم عبدا بركة العلم ألقى على لسانه المغاليط فلقد رأيتهم أقل الناس علما، وكان أفاضل الصحابة إذا سئلوا