وسط هذا الجو الخانق من معرفة الحق فيها، ومع هذا فهو رجح ما ترجح عنده دون متابعة لفرقة معينة أو مذهب معين، وقد سبق بيان عدم متابعته للمعتزلة والأشاعرة، وأحيانًا تقوم بالعالم شبهات لا يتمكن من التخلص منها، لعدم الموجه الصادق أثناء الطلب، ولعدم توفر كتب السلف والعاملين بها كما في بيئة الصنعاني.
وانطلق الصنعاني رحمه الله في علومه ومؤلفاته يأخذ ما يؤيده الدليل ويترك ما سواه، ويناقش ويرجح ويجمع ما أمكن بين الأدلة كعالم مجتهد له مكانته ومنزلته، وإن كتابه "سبل السلام" وكتابنا هذا "التنوير" لخير شاهد على ما قلناه.
[٥ - موقفه من المبتدعة واعتماده المذهب الصحيح في الرد عليهم]
قال تحت حديث رقم (٩٧٨٣): "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ... ":
وقد خالف الناس هذا النهي فما يزالون في شدٍّ للرحال إلى القبور والمشاهد، واجتماعٍ لذلك على المحرمات لا تحل، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وقال تحت حديث رقم (٩٩٨٠): "يجزئ من الوضوء رطلان من ماء": أي يكفي هذا القدر لمن أراد الوضوء الشرعي وهذه التحديدات الشريفة كما علمه - صلى الله عليه وسلم - بيّن أنه يأتي أقوام يعتدون في الطهارات كزماننا هذا صار هَمُّ الفقيه كثرةَ الماء وانتقاءه ودلك أعضائه حتى يخرج وقت صلاته ويترك الجماعة ونحوها فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وقال تحت حديث رقم (٧٧١٠): "ليلة أسري بي ... ": هي ليلة غير معينة لم يرد بتعيينها سنة صحيحة وفيها ثلاثة أقوال: ... وقد شاع في الناس أنها ليلة سابع وعشرين من رجب، ويخصونها بأنواع من القرب وهي من البدع التي شاعت كغيرها.
وقال كذلك تحت حديث رقم (٣٩٠٥): "خفف على داود القرآن فكان يأمر