للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جنب عبد مؤمن، ذكره أحمد (١) عنه، وذكر عنه أنه كان يمسك لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد وكان يبكي كثيرًا (٢)، وكان يقول: أبكوا فإن لم تبكوا فتباكوا (٣)، وقال: وددت والله إني هذه الشجرة تحصد وتؤكل (٤). وهذا عمر بن الخطاب قرأ سورة ثم بلغ {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} [الطور: ٧] فبكى بكاءًا شديدًا واشتد بكاؤه حتى مرض وعادوه، وكان في وجهه خطان أسودان من البكاء.

وهذا عثمان بن عفَّان كان إذا وقف على القبر يبكي حتى تبتل لحيته، وقال: لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيهما يؤمر بي لاخترت أن أكون رمادًا قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير (٥). وهذا علي بن أبي طالب وبكاؤه وخوفه وكان شديد الخوف من اثنتين من طول الأمل واتباع الهوى قال: فأما طول الأمل [١/ ٣٨٤] فينسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق. وهذا أبو الدرداء يقول: إن أشد ما أخاف على نفسي يوم القيامة أن يقال: يا أبا الدرداء قد علمت فكيف عملت فيما علمت؟ وكان يقول: لو تعلمون ما أنتم لاقون بعد الموت لما أكلتم طعامًا على شهوة ولا دخلتم بيتًا تستظلون فيه ولخرجتم إلى الصعيد تضربون صدوركم وتبكون على أنفسكم ولوددت أني شجرة تعضد وتؤكل.

وكان عبد الله بن عباس أسفل عينيه مثل الشراك البالي من الدموع. وكان أبو ذر يقول: يا ليتني كنت شجرة تعضد ووددت أني لم أخلق. وسرد شيئًا من كلام السلف في ذلك وقد تقدم الكلام في الفرق بين الرجاء والإرجاء وأن الأول محمود والثاني مذموم وكثير من الناس لا يعرف الفرق بينهما (ولا يفترقا في


(١) أخرجه ابن أبي عاصم في الزهد (١/ ١٠٨).
(٢) أخرجه البزار (٨٤)، وأبو يعلى (٥).
(٣) أخرجه ابن أبي عاصم في الزهد (١/ ١٠٨).
(٤) هناد في الزهد (٤٤٩).
(٥) أخرجه ابن رجب في التخويف من النار (١/ ١٥)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>