وفي تنوير الحوالك لجلال الدين السيوطي، الذي رد به على منكري رؤيته - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته في اليقظة طرف من ذلك [أي من القصص التي فيها التقاء بعض الناس بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته]، وكل ما أتى به لا دليل فيه، وأطال الكلام في ذلك ثم قال: وقد ذكر عن السلف والخلف وهلم جرا ممن كانوا رأوه في النوم، فرأوه بعد ذلك في اليقظة، وسألوه عن أشياء كانوا منها متشوشين، فأخبرهم بتفريجها، ونص لهم على الوجوه التي منها فرجها، فجاء الأمر كذلك بلا زيادة ولا نقص، انتهى المراد منه.
وليت شعري لم كان عثمان يطلب شاهديْن من كل مَنْ أتاه بآية يشهدان على أنها من القرآن، وهلا رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يقظة وسأله عن تلك الآية، وهو -وسائر الصحابة- أحق ممن ذكر بهذه الفضيلة.
وقد وقع بينهم من الاختلاف ما لم يره أحد منهم ويدفع إشكاله!
والسيوطي رحمه الله كان فيما ألفه من الكتب حاطب ليل، في كل كتاب له مذهب ومشرب، وما أتى به في كتابه هذا لا يعول عليه، كما سيرد عليك مردودا وذكر الشيخ الألباني في كتابه "تمام المنة" ص: ٢٩.
أن السيوطي معروف بتساهله في التصحيح والتضعيف، فالأحاديث التي صححها أو حسنها، وفيها قسم كبير قد ردها عليه الشارح المناوي، وهي تبلغ المئات، إن لم نقل أكثر من ذلك، وكذلك وقع فيه أحاديث كثيرة موضوعة، مع أنه قال في مقدمته: وصنته عما تفرد به وضاع أو كذَّاب، وقد تتبعتها بصورة سريعة، وهي تبلغ الألف -تزيد قليلاً أو تنقص كذلك- وأرجو أن أوفق لإعادة النظر فيها وإجراء قلم التحقيق عليها، وإخراجها للناس. ومن الغريب أن قسماً غير قليل فيها شهد السيوطي نفسه بوضعها في غير هذا الكتاب، فهذا كله يجعل الثقة به ضيقة، نسأل الله العصمة، ثم يسر الله -تبارك وتعالى- فجعلت "الجامع الصغير وزياداته" المسمى بـ "الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير"