منها إلا لتلقي العلم. وقد أتم الصنعاني حفظ القرآن عن ظهر قلب بعد دخوله صنعاء، ونشأ في بيئة علمية، فجده كان عالماً فاضلاً وأبوه كان من العلماء المحققين في معظم الفنون، يقول عنه حفيده إبراهيم:"حقق الفقه والفرائض، ودرس، ونقل، ونظم، واشتهر بالعلم والفضل، والزهد، والورع، والتقوى، وحسن الخلق، ولطف الطبع، والتقشف الباهر، ولين الجانب، ومجانبة الدول وأربابها ... "، وهكذا ذكر عنه صديق خان والمؤرخ زبارة.
وقد تأثر الصنعاني بالجو العلمي المحيط به، فبعد حفظ القرآن عن ظهر قلب، بدأ بالطلب وهو صغير السن، فدرس الفقه، والنحو، والبيان، وأصول الدين، والحديث وتفوق في ذلك، حتى أعجب به مشايخه، ولعل الباعث لهجرة والد الصنعاني من "كحلان" إلى "صنعاء" رغبته في تلقي العلم له ولأولاده على علماء صنعاء، وقد رجح ذلك مؤلف كتاب "ابن الأمير وعصره" فعاش رحمه الله حياته مكبا على العلم ونشره والدعوة إليه، ولم يطلب جاهاً أو سلطاناً. وقد أحب الصنعاني العلم والبحث، وتطلع إليهما، فاستهان المشاق في سبيل الطلب، فقد روي عنه أنه كان يكتب "زاد المعاد" لابن القيم، وكتاب "بهجة المحافل" على ضوء القمر لعدم توفر السراج.
وأما أولاده فيقول عنهم صاحب "نشر العرف": خلف السيد محمَّد بن إسماعيل الأمير ثلاثة أولاد تقاسموا فضائله: فإبراهيم المتوفى بمكة في سنة ١٢١٣هـ: أحرز براعة والده وفصاحته وقوة استنباطه للأحكام من الأدلة، وعبد الله المتوفى بالروضة من أعمال صنعاء في سنة ١٢٤٢ هـ. أحرز من صفاته: اشتغاله بالحديث وفنونه وحفظه وحيازة علومه المتنوعة، وقاسم المتوفى بالروضة في سنة ١٢٤٦هـ: أحرز تحقيقه علم الآلات ونسكه وعبادته وعلمه بالمعقول وامتيازه على من سواه (١).