يبرئ صاحبه من التهمة فهو من أكرم الخلق طبعاً. (ولو كنت أنا لبادرت الباب) هذا من أدلة تواضعه - صلى الله عليه وسلم - وإنصافه وبيان شرف غيره ولعله قال هذا هضماً لنفسه وإظهاراً لفضيلة أخيه وإلا فإنه - صلى الله عليه وسلم - من أكرم البرية وأصبرهم. (ولولا الكلمة لما لبث في السجن) بضع سنين، والكلمة هي قوله للذي ظن أنه ناج منهما {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ}[يوسف: ٤٢]، (حيث يبتغي الفرج من عند غير الله عَزَّ وَجَلَّ) بيان الكلمة وأنه طال بقاؤه في السجن لأجلها لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين. (طب وابن مردويه (١) عن ابن عباس) سكت عليه المصنف، قال الهيثمي: فيه إبراهيم بن يزيد القرشي المالكي وهو متروك.
٥٣٧٥ - "عجبت لطالب الدنيا والموت يطلبه، وعجبت لغافل وليس بمغفول عنه، وعجبت لضاحك ملئ فيه ولا يدري أَرُضيَ عنه أم سُخِط؟ (عد هب) عن ابن مسعود (ض) ".
(عجبت لطالب الدنيا والموت يطلبه) فإنها لا تطلب الدنيا إلا للانتفاع بها، ومن كان الموت في طلبه كيف يتم له انتفاع بها، ووجه العجب أن هذا ينافي حال العاقل فهو مما يعجب من صدوره عنه. (وعجبت لغافل) عن الآخرة وأعمالها الصالحة. (وليس بمغفول عنه) فإنه محسوب الساعات محصور الكلمات لديه رقيب عتيد، (وعجبت لضاحك ملئ فيه) بالنصب لملء على الظرفية مثل حديث: "ملء السماوات وملء الأرض"، والمراد بالضحك ملء فيه استغراقه فيه، (ولا يدري أَرُضيَ عنه أم سُخِط؟) بالبناء للمفعول فيهما وحذف الفاعل للعلم به وهو الله تعالى، وحق لمن جهل رضي مولاه عنه أن يذري دمعه فكيف إذا جوز غضبه عليه أو جهلهما معاً فإنه على خطر عظيم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لو
(١) أخرجه الطبراني في الكبير (١١/ ٢٤٩) (١١٦٤٠)، والديلمي في الفردوس (٤٠٩٣)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (٧/ ٣٩)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٣٩٨٤)، والصحيحة (١٩٤٥).